الجمعة، 4 فبراير 2011

استراتيجية التعلم القائم على المشكلةप्रॉब्लम बेस्ड लीर्निंग

تعبر هذه الاستراتيجية عن أفكار البنائيين في تدريس العلوم والرياضيات، ومصممها ـ جريسون ويتلي ( Grayson Wheatley ) ـ من أكبر مناصري البنائية الحديثة . فهو يرى أن المتعلم في هذه الاستراتيجية يصنع له فهم ذو معنى من خلال مشكلات تقدم له ، فيعمل مع زملائه على إيجاد الحلول له في مجموعات صغيرة . ومع أنه توجد عدة نماذج تعليمية تستخدم المشكلات في الوقت الحاضر ، فإن هذا النموذج يتميز بأنه أكثر فعالية. ( دباج وآخرون Dabbagh, et. al ، 2000 : 62 ). ويرى جون ديوي أن الخبرة تمثل المفهوم الأساسي للتعلم المرتكز على المشكلة. (ماست Mast ، 2000 ) ويشير ديان Diane إلى أن للتغيرات السريعة في مجال التربية، وتنوع مصادر المعرفة أثراً في ضخامة التحدي أمام استيعاب هذه الكم المتزايد، وبالتالي يرى مؤيدو هذه الاستراتيجية أنه بإمكانها أن تنمي التعلم الذاتي لدى المتعلم . وهذا ما تؤكده دراسة ماست Mast عام 2000م التي هدفت إلى توضيح أثر مقارنة استخدام استراتيجية التعلم المرتكز على المشكلة والطريقة التقليدية في تنمية التعلم الذاتي والإرشاد للبحث عن وظيفة عند الخريجين من المدارس الطبية في كندا، وقد تكونت العينة من 18 تلميذا،ً وتمت مقارنتها مع نتائج الخريجين المستخدمين الطريقة التقليدية عام 1984م إلى 1988م. وقد توصلت هذه الدراسة إلى أن استخدام استراتيجية التعلم المرتكز حول المشكلة أسهم في تنمية التعلم الذاتي والإرشاد للوظيفة بشكل أفضل من الطريقة التقليدية . وكذلك دراسة والكر ( Walker ، 2001 ) والتي هدفت الى استقصاء فعالية استراتيجية التعلم المرتكز على المشكلة في تنمية التعلم لدى تلاميذ كلية الصيدلة بجامعة الميسسبي؛ وكذلك دراسة مور – هايز ( Moore- Hayse ، 2001 ) التي هدفت إلى معرفة أثر استخدام استراتيجية التعلم المرتكز على المشكلة في تنمية التعلم الذاتي في برنامج الإرشاد والبحث عن الوظيفة لدى تلاميذ الكلية المهنية بكندا . وخلصت هذه الدراسات جميعها إلى أن استخدام هذه الاستراتيجية له أثر كبير في تنمية التعلم الذاتي .ويعتبر بروس ، أن الهدف الأول من التعلم المرتكز على المشكلة هو تنمية البيئة المعرفية، ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال إعطاء التلاميذ الفرص في اختيار المادة التي سيتعلمونها وكيفية تعلمها . فالتعلم هنا موجه ذاتيا. والتلاميذ هم المالكون الحقيقيون للعملية التعليمية . وهذا بدوره يدعم لديهم القدرة على حل المشكلات في المواقف الجديدة. ( دباج وآخرونDabbagh, et. al ، 2000 : 60-83 ) وفي دراسة (820 ) مدرسة عليا بالولايات المتحدة الأمريكية وجد أن 11000 تلميذ عندما تدرس لهم البرامج الأكاديمية باستخدام التعلم المرتكز على المشكلة فإنهم يحققون تقدماً أعلى في الرياضيات والقراءة، والدراسات الاجتماعية والعلوم .كما أن دراسة ستورهانت Stohr-Hunts، والتي قارنت المهارات اليدوية لدى تلاميذ الصف الثامن بين الذين استخدموا هذه الاستراتيجية مع تلاميذ الطريقة التقليدية أوضحت أن هؤلاء التلاميذ سجلوا تقدما أعلى بوضوح من تلاميذ التقليدية. فتكرار تلك النشاطات في غرفة الدراسة يرتبط بقوة الإنجاز العلمي والتحصيل الدراسي، حتى لو كان الاختبار لا يقيس المهارات المعملية. ( ديمبسي Dempsey ، 2000 : 33 ) ويرى بوند Bound ، 1985 : ان التعلم المرتكز على المشكلة يبدأ بتقديم مشكلة حقيقية يمارسها التلاميذ بدون أي تقديم مسبق لها، ويتمكن التلاميذ من التعرف على مناطق التعلم من خلال التحليل المبدئي للمشكلة . كما أن المعرفة والمهارات التي يتم اكتسابها بهذه الطريقة تطبق لحل المشكلة . وهذه المرحلة النهائية تمكن التلاميذ من تلخيص ما تم تعلمه ودمجه مع المعرفة السابقة لكل تلميذ ، ومن بين المزايا المزعومة لهذا النوع من التعلم أنه يزيد الدافعية، ويتاح من خلاله دمج المعرفة في الفروع المختلفة بالنسبة للمناهج الأخرى. والسبب في ذلك أن نظريات التعلم المرتكز على المشكلة، تلبي احتياجات برامج المتعلم، بدءاً بالإعداد الفني، ووصولاً إلى خبرة الممارسة .ويحدد بريدج وهالينجر Bridges and Hallinger أربعة مبررات لاستخدام استراتيجية التعلم المرتكز على المشكلة، بدلاً من الطريقة التقليدية، هي ما يلي:1- يحتفظ التلاميذ بقليل مما تعلموه في إطار المحاضرة التقليدية. 2- لا يستخدم التلاميذ عادة المعرفة التي يتعلمونها بطريقة صحيحة. 3- التلاميذ ينسون كثيراً مما تعلموا .4- التعلم المرتكز على المشكلة يتميز في ثلاثة أوجه، كون المعلومات توظف من خلاله في مواقف الحياة المختلفة، مما يساعد على استردادها وربطها بالمعلومات السابقة، كما أنه ينشط المعرفة السابقة، ويعيد بناءها لتتوافق مع المعرفة الجديدة. ( ديمبسي Dempasey ، 2000 : 5 ). وهذا ما تحاول أن تتبناه الدراسة الحالية.- عناصر استراتيجية التعلم المرتكز على المشكلة تتكون هذه الاستراتيجية من ثلاثة عناصر أساسية هي المهام Tasks ، والمجموعات المتعاونة Cooperative Groups ، والمشاركة Sharing .المهام (المشكلات) Tasks في هذه المرحلة يواجه التلاميذ بسيناريو حقيقي من الحياة، وذلك عن طريق مشكلات أو مهام يطلب إنجازها . وهناك شروط يجب توافرها عند تصميم المشكلة (المهمة) هي :1) أن تكون مركبة بشكل ضعيف ، أي لا تكون مفرطة التعقيد.2) أن تحث التلاميذ على البحث الحر، فيقدم فقط الموقف الأولي الذي يثير المتعلم بوضع افتراضات متعددة، وحلول محتملة (Generic P.B Learning Essentials ) .3) أن تشجع التلاميذ على صنع القرارات . 4) أن تشجع التلاميذ على طرح أسئلة من النوع المسمى ( ماذا ، لو ).5) أن تسمح بالمناقشة والحوار والاتصال .فمثلا كأن يقدم للتلاميذ مهمة تتمثل في أن يطلب منهم أن يرسموا لوحة توضح أسلوب العمارة في العهد القديم، وبذلك سيكون لكل تلميذ منظوره حول كيفية بناء الآثار القديمة، وربما يسأل التلاميذ بعض الأسئلة الأساسية مثل : • ماذا أعرف عن هذه المشكلة ؟ • ما الذي أحتاجه لكي أتعامل مع هذه المشكلة ؟ • ما هي المصادر التي أستطيع الرجوع إليها لكي أصل إلى الحلول المناسبة أوالافتراضات المقترحة ؟ وفي هذه المرحلة يحتاج التلميذ لصياغة المشكلة في عبارة واضحة، مع أنها قد تتغير كلما توصل إلى معلومات جديدة ( Problem Based ، 2001 ) .ويجب على المعلم ـ عند تصميمه لهذا النوع من التعلم ـ ألا يستعين بفرع واحد من فروع المعرفة أو موضوع واحد. فالمعلومات يجب أن تجمع من كل الفروع التي هي جوهر البرنامج التعليمي والمتصلة بالمشكلة المقدمة لهم .وتكمن قوة التعلم المرتكز على المشكلة في الأنشطة العلمية والتي يعمل التلاميذ بما لديهم من مستوى معرفي على حلها، وقد تختلف أساليبهم في الحل، فربما يلجئون لطرق معقدة للحل. بينما يستخدم آخرون طرقاً وقد تبدو من وجهة نظر المعلم غريبة وغير ناضجة، ولكن الكل سيصنع معنى للمهمة . ( ويتلي Wheatly ، 1991 : 18 ) المجموعات المتعاونة Groups Cooperative في هذه المرحلة يحدث التعاون بين التلاميذ بشكل طبيعي أثناء مناقشات المجموعة فيما بينهم، وذلك لأن التلاميذ في ضوء هذه الاستراتيجية يتم تقسيمهم إلى مجموعات صغيرة، وعلى المعلم أن يشجع التلاميذ على التعاون فيما بينهم. فالعمل التعاوني بين تلاميذ المجموعة ربما يكون أكثر العناصر أهمية في الوصول إلى التعلم، ولإيجاد حلول للمشكلات، فهم يساعدون بعضهم بعضا من خلال تبادل الأفكار والآراء، وتكوين فهم للمشكلة. وهذا التعاون يسمح للتلاميذ بتنمية الثقة، وحرية التفكير. وفي هذه المرحلة يقوم المعلم بتقديم الإرشاد والتوجيه. ويرى هايز و أندرسون أن التلاميذ يعملون في مجموعات صغيرة، مستخدمين مبدأ التعامل فيما بينهم من خلال المناقشة والمشاركة وتبادل المعلومات، مما يؤدي إلى تعميق الفهم لديهم، وهم يشعرون بالثقة لما تم تعلمه، ويسألون بدون تهديد أو تسلط، كما أنهم يقومون آراء بعضهم ( كرونيك وروب Crunok and Robb ، 1999 : 29-38 ).وهذا ما تؤكده دراسة روث ( Roth ، 1993 ) ، التي هدفت إلى تحديد فعالية استخدام كل من التعلم المرتكز على المشكلة، والطريقة التقليدية في تنمية مهارات التلاميذ في حلول مسائل الفيزياء لدى تلاميذ الصف قبل الأخير في المرحلة الثانوية، وذلك بمدرسة خاصة بكندا. وتوصلت هذه الدراسة إلى أن استخدام التعلم المرتكز على المشكلة قد أسهم في تنمية فهم التلاميذ للعلاقات الرياضية والمبادئ في مادة الفيزياء، مما زاد من قدراتهم في حلول المسائل في الفيزياء بشكل أفضل من الطريقة التقليدية .- المشاركة Sharing تمثل هذه المرحلة ، المرحلة الأخيرة من مراحل التدريس بهذه الاستراتيجية، وفيما يعرض تلاميذ كل مجموعة حلولهم على الفصل ، والأساليب التي استخدموها، وصولاً لتلك الحلول . ونظراً لاحتمال حدوث اختلاف بين المجموعات حول تلك الحلول والأساليب ، فإنه تدور المناقشات، وصولاً لنوع من الاتفاق فيما بينهم إن كان ذلك ممكناً . إذ أن تلك المناقشات إنما تعمل على تعميق فهمهم لكل من الحلول والأساليب المستخدمة في الوصول لحل تلك المشكلات . وتكون بالنسبة لهم منتدى فكرياً ينمون من خلاله تفسيراتهم واستدلالاتهم العقلية ( Explanations of Their Reasoning ) . ( زيتون و زيتون ، 1992 : 103-104 ) . وهذا ما تؤكده دراسة دي قراف De Grave (2001) التي تناولت أثر المناقشة الجماعية المرتكزة على المشكلة في تحصيل تلاميذ السنة الأولى من كلية الطب عند دراسة نص معين حيث أن التلاميذ الذين يناقشون المشكلة قبل دراستها يصبحون أكثر اهتماماً باكتساب مزيد من المعلومات حول هذه المشكلة وبناء عليه يصبحون أكثر اجتهاداً.ويشير ويتلي إلى أنه في هذا النوع من التعلم يجب أن يعطى الوقت الكافي لتلاميذ كل مجموعة لتقديم حلولهم وآرائهم وأفكارهم. وفي هذه المرحلة يفترض ألا يقوم المعلم بدور الحكم، بل يجب أن يقوم بدور الموجه والمسير لعملية المناقشات بين المجموعات حيث يتضح الاستقلال الفكري في تفكير هذه المجموعات، وعلى المعلم أن يوجه هذه المفاوضات للوصول إلى رأي متفق عليه. وخلال هذه المناقشات يتعلم التلاميذ كيفية إدارة الحوار أو المناقشة مع الآخرين، كما أنها تعمل على تعميق الفهم الصحيح.وهذا ما تؤكده دراسة جان وآخرين 1994م، التي تناولت أهمية المشاركة في المناقشات الصفية مع المعلم في تعميق العلاقات الرياضية في ضوء استراتيجية التعلم المرتكز على المشكلة لتلاميذ الفرقة الثالثة الابتدائية. وقد تكونت هذه الدراسة من 27 تلميذاً، وخلصت في نتائجها إلى عدد من المعايير أو القواعد التي يمكن الالتزام بها عند إدارة المناقشة بين التلاميذ هي:1- على المعلم أن يزاول مهمة تسهيل الاتصال بين التلاميذ .2- يساعد على صنع معنى لحلول التلاميذ .3- أثناء المناقشة يجلس المعلم عادةً بين التلاميذ، ويحاول أن يشجع على الاستقلال العقلي بين التلاميذ.4- أن يتم اختيار أول تلميذ يوضح الحل الذي توصلت إليه مجموعته من قبل المعلم، بناءً على ملاحظته الدقيقة للمجموعات المختلفة، وهي تعمل على حل المشكلة .5- يوضح المعلم للتلاميذ أن الهدف الأساسي من مرحلة المشاركة يتمثل في أن يتعلم التلاميذ بعضهم من البعض، وذلك من خلال الفهم المتبادل فيما بينهم لمختلف الحلول المقدمة للمشكلة المطروحة .6- أن يُعوِّد المعلم تلاميذه على الاستفادة من وقت الانتظار الذي يعطيه لهم للاستعداد قبل تقديم تفسيراتهم لحل المشكلة .7- يتم اختيار التلاميذ الآخرين لتقديم حلولهم ممن لديهم حلول جديدة.8- إعطاء معظم التلاميذ فرصة للمشاركة في المناقشة داخل الفصل . وهذا يعني ألا يأخذ التلميذ الفرصة للكلام مرتين، إلا إذا كان سيقدم إسهاما جديدا يثري المناقشة .9- يكون أحد أهداف المشاركة هو مناقشة الحلول المختلفة والبديلة المقترحة للمشكلة من قبل التلاميذ. (جان وآخرون Jan. et. al.، 1994: 36 – 46).خصائص استراتيجية التعلم المرتكز على المشكلةمن الخصائص التي تميز هذه الاستراتيجية نذكر ما يلي:1) تحمل التلاميذ المسئولية أثناء التعليم ، كونهم يضعون حلولاً محتملة للمشكلات التي تواجههم، ويستخدمون المصادر المتنوعة للمعلومات التي يتوقعون أن تساعدهم .2) محور التدريس بهذه الاستراتيجية يعتمد على مهارة تصميم المشكلة، بطريقة تسمح بالبحث الحر المفتوح .3) تساعد هذه الاستراتيجية على تنمية مفهوم التعلم الذاتي، كما تنمي كثيراً من المهارات الاجتماعية، مثل الاتصال مع الآخرين، واحترام آرائهم، والاستماع لهم .4) التعاون مبدأ أساسي في هذا النوع من التعلم كون التلاميذ يتناقشون في خلاله، ويتعلمون سوياً ويساعد بعضهم بعضا في الحصول على فهم لما يتعلمونه، ومن ثم يتم تطبيقه.5) لا يشعر التلميذ بتقييد على أفكاره أو آرائه، بل يشعر بحرية في التعبير دون تسلط من المعلم .6) يقتصر دور المعلم في هذا النموذج على التوجيه والإرشاد لعملية التعلم .7) يتم تقويم التلاميذ عن طريق قياس أدائهم، عندما يواجهون مشكلات أخرى .8) إن من شأن هذه الاستراتيجية أن تعدل من الاتجاهات السلبية للتلاميذ نحو مادة العلوم، نتيجة تعودهم على العمل بشوق وحماس، دون شعور بالحرج، أو الخجل من الخطأ .